الثلاثاء، 6 أبريل 2021

قصة أسير مسلم أنقذ ثلاثين أسيرا بمناظرة

قصة الأسير المسلم واصل الدمشقي الذي فك أسره ومن معه بمناظرة مع بطارقة الروم ..

خرج واصل الدمشقي الشاب الفقيه الذي ترك دراسته بدمشق، في غزوة إلى بلاد الروم، ولكنه وقع ومن معه من الجنود المسلمين في الأسر، وتم أخذهم إلى أمير رومي اسمه بشير كان مسلمًا ثم ارتدَّ إلى النصرانية واستعرض بشير الأسرى وكانوا ثلاثين، سألهم عن دينهم، وجادلهم في بعض عقائده، فلما جاء دور واصل أبى أن يرد عليه بشيء..
فقال بشير الرومي: ما لك لا تجيبني؟
واصل: لستُ مجيبك اليوم بشيء.
بشير الرومي: إني سائلك غدًا فأَعِدَّ لي جوابًا.
وجاء الغد، وأُدخل واصل على الأمير الذي بادره الحديث بعد حمد الله والثناء عليه قائلاً: عجبًا لكم معشر المسلمين، حيث تكفرون بألوهية عيسى وتقولون: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59]، وما يستوي عبد ورب!
ورأى واصل أن يستأمن لنفسه قبل أن يُجيب، فلما اطمأن قال لمحدثه: أما حمدك الله وثناؤك عليه فقد أحسنت الصفة، وهذا مبلغ علمك واستحكام رأيك، والله أعزُّ وأجلُّ مما وصفتَ، وأما ما ذكرتَ من صفة هذين الرجلين عيسى وآدم فقد أسأتَ وأخطأتَ! ألم يكونا يأكلان ويشربان، ويبولان ويتغوَّطان، وينامان ويستيقظان؟!
بشير: بلي.
واصل: فَلِمَ فَرَّقْتَ بينهما؟
بشير: لأن لعيسى روحين اثنتين، روح يبرئ بها الأكمه والأبرص ويعلم الغيوب ويصنع بها المعجزات، وروح لما ذكرتَ من أحوال الناس!
واصل: روحان اثنتان في جسد واحد؟!
بشير: نعم.
واصل: فهل كانت القوية منهما تعرف مكان الضعيفة؟
بشير: قاتلك الله! تعلم أو لا تعلم .. ماذا تريد؟
واصل: أريد إنْ كانت تعلم، فلماذا لا تطرد عنها قاذورات الضعف البشري وآفاته؟! وإن كانت لا تعلم فكيف يطلع الغيب من يجهل مجاوره في جسد؟! فسكت بشير محتارًا!!
واستطرد واصل: برضا عيسى أم بسخطه قدَّستم الصليب؟!
قال بشير: هذه من تلك .. ماذا تريد؟
فأجاب واصل: إن كان بسخطه فما أنتم بعبيد يعطون ربهم ما سأل، وإلا فبالله كيف تعبدون ما لا يدفع عن نفسه العدوان؟!
بشير: أراك رجلاً قد تعلَّمت الكلام (المناظرة) فسآتيك بمن يخزيك الله على يديه. ثم أمر باستدعاء قسيس كبير ليجادل واصل الدمشقي.
فلما حضر القس قال له بشير: هذا العربي له رأي وعقل وأصل في قومه، وأحب أن يدخل ديننا .. فأقبل القس على واصل ثم قال: غدًا أغمسك في المعمودية غمسة تخرج منها كيوم ولدتك أمك!
واصل: فما هذه المعمودية؟!
القس: ماء مقدس.
واصل: منْ قدَّسه؟!
القس: أنا والأساقفة من قبلي.
واصل: فهل كانت لكم ذنوب وخطايا؟ أم أنت وهم مبرَّءُون من النقص؟
القس: كلنا فعلنا الخطايا، وليس هناك مبرأ إلا يسوع.
واصل: فكيف يُقَدِّس الماء من لم يُقَدِّس نفسه؟!
وهنا اضطرب القس ثم استدرك قائلا: إنها سُنَّة عيسى بن مريم غطسه يوحنا بالأردن، ثم مسح له رأسه ودعا له بالبركة!
واصل: أو احتاج عيسى إلى تعميد يوحنا وأن يمسح له رأسه ويدعو له بالبركة؟! فاعبدوا إذن يوحنا فهو خير لكم من عيسى.
فسكت القس واغتاظ بشير الرومي، وقال للقس: قم! دعوتك لتُنَصِّره (تجعله نصرانيًّا) فإذا أنت قد أسلمت!
وانتشر خبر الأسير الفقيه حتى بلغ الملك وكبير القساوسة، فطلبه الملك وسأله: ما الذي بلغني عنك من انتقاصك لديني؟
واصل: إني لم أجد بدًّا من الدفاع عن ديني.
فتدخَّل كبير البطارقة محاولاً بوقاره وهيمنته الروحية أن يُنهي هذا الأمر.
فسأل واصل الملك فجأة: هل للحبْر الأعظم (كبير البطارقة) من زوجة وولد؟
الملك: هذا أطهر من أن يتصل بامرأة!
واصل: تأخذكم الغيرة من نسبة المرأة إلى هذا، وتزعمون أن رب العالمين سكن جوف امرأة وعاني ضيق الرحم وظلمة البطن.. عجبًا! تعبدون عيسى لأنه لا أب له، فلِمَ لا تضمون إليه آدم فيكون لكم إلهان.
أو عبدتموه لأنه أحيا الموتى؟ فعندكم في الإنجيل أن حزقيل مرَّ بميت فأحياه وتكلم معه، فضمُّوه كذلك إلى شركة الآلهة!
أو أنكم عبدتموه لأنه أراكم المعجزات؟ فهذا يوشع رد الشمس إلى فلكها إذ كادت تغرب..
فقاطعه كبير البطارقة: اخسأ يا شيطان.. هذا التجديف (الكفر) أحلَّ بك القتل!
واصل: إني أسير .. وثم ورائي مَنْ إذا بلغه خبري لم يمنعه مسلككم معي من أن يثأر لي.
ثم قال واصل للملك: سل هؤلاء الأساقفة عن الأصنام التي في كنائسكم هل تجدون لها في الإنجيل مبررًا؟ فإن كانت في الإنجيل فلا كلام لنا، وإلا فما أشبهكم بالوثنيين.
الملك: صدقت، قد يعقل ما تقول!
وفي هذه الأثناء استشاط كبير البطارقة وامتلأ غضبًا، فقال: هذا شيطان من شياطين العرب، أخرجوه من حيث جاء، لا تقطر من دمه قطرة في بلادنا فتفسد علينا ديننا!

وعاد واصل الدمشقي ومعه ثلاثون من الأسرى، وقد بدَّلوا انكسارهم بانتصار.

موقع قصة الإسلام

التسميات:

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية