دعاء يكفيك أي شر تخاف منه ويحفظك من الفقر ويسد عنك الدين
ينبغي للمؤمن أن يتحرَّى هذا الدعاء العظيم فهو من أنفع الدعاء، ومن أعظم الدعاء
في “صحيح مسلم” عن أبي هريرة رضى الله عنه : أن النبي ﷺ كان إذا أوى إلى فراشه قال: اللهم ربّ السموات، وربّ الأرض، وربّ العرش العظيم، ربنا وربّ كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شرِّ كل ذي شرٍّ أنت آخذٌ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقضِ عنَّا الدَّيْنَ وأغننا من الفقر.
شرح الحديث :
يُوضِّحُ هذا الحَديثُ بعضَ آدابِ النَّومِ، وما يُقالُ قَبْلَه من الدُّعاءِ، وفيه يَقولُ التابعيُّ سهيلُ بن أبي صالحٍ: “كان أبو صالحٍ يأمرُنا إذا أرادَ أحدُنا أن ينامَ: أن “يَضْطَجِعَ على شِقِّهِ الأيمنِ”، أي: أنْ يبدأَ نومُه في فراشهِ على جانبهِ الأيمنِ، ثم يقولُ: “اللهُمَّ ربَّ السمواتِ وربَّ الأرضِ وربَّ العرش العظيمِ”، أي: خالقَهم، “ربَّنا وربَّ كلِّ شيءٍ”، أي: يُعمِّم للهِ عزَّ وجلَّ خلقَه لكلِّ شيءٍ بعدَما خصَّه بخلقِ أعظمِ ما في الكونِ، وهذا من جَميلِ الثَّناءِ على اللهِ عزَّ وجلَّ، “فالقَ الحبِّ والنَّوى”، أي: خالقَ الزُّروعِ والأشجارِ ومُخرِجَها من الحبِّ؛ وهو بُذورُ الأشجارِ والنباتاتِ، والنَّوى، وهو بَذر النخلِ، وهذا بيانٌ لعظيمِ قُدرةِ الله تَعالى.
“ومُنزِلَ التَّوراةِ والإنجيلِ والفُرقانِ”، فالذي أنزلَ تلكَ الرِّسالاتِ هو المستحِقُّ للعُبودِيَّةِ والمتفرِّد بها وهو سُبحانَه الذي يُدْعَى لجَلْبِ النَّفعِ ودَفْعِ الضُّرِّ. “أعوذُ بكَ من شرِّ كلِّ شيءٍ أنتَ آخِذٌ بناصيتهِ- وفي رواية: مِن شَرِّ كلِّ دابَّةٍ أنتَ آخذٌ بناصيتِها”، أي: ألْجأُ وأستجِيرُ بك مِن أن يُصيبَني شرٌّ من دوابَّ أو من أحدٍ من خَلقكَ، والناصيةُ: مُقدَّم الرَّأسِ، وهي الجَبهةُ.
“اللهمَّ أنتَ الأولُ فليسَ قبلكَ شيءٌ”، أي: القَديمُ بلا ابتِداٍء، فيدلُّ على أنَّ غَيره حادثٌ بعدَ أنْ لم يكُن، “وأنتَ الآخِرُ فليسَ بعدكَ شيءٌ”، أي: الباقي بلا انتِهاء، ويدلُّ على أنه هوَ الغايةُ التي تتجِهُ إليها جميعُ المخلوقاتِ رَغبةً ورَهبةً. “وأنتَ الظَّاهرُ فليسَ فوقَك شيءٌ”، أي: ظاهرٌ بذاتهِ فوقَ كلِّ شيءٍ، وهذا يدلُّ على عَظمتِه واضْمِحلالِ كلِّ شيء عندَ عظمتِه. “وأنتَ الباطنُ فليسَ دونكَ شيءٌ”، أي: المحتجِبُ بذاتهِ فليسَ هناك من يُشارِكه في ذلكَ، فيدلُّ على اطلاعِه على الخَفايا والسرائرِ، ودَقائقِ الأشياءِ، وأيضًا على كمالِ قُربهِ، ولا يَتنافى الظاهرُ والباطنُ؛ لأنَّ اللهَ ليس كمِثلهِ شيءٌ في كلِّ النُّعوتِ.
“اقضِ عنَّا الدَّينَ”، أي: ما كان مِن حُقوقٍ للهِ وما كانَ من حُقوقٍ للعبادِ، “وأغْنِنا من الفَقرِ”، أي: الذي يكونُ فيه السُّؤالُ وطلبُ الحاجةِ من الغيرِ.
قال سُهيلٌ: “وكانَ يَروي ذلك”، أي: كانَ أبو صالحٍ يَروي هذا الحديثَ، “عن أَبي هريرةَ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم”.
وفي رِوايةٍ عن أبي هُرَيرَةَ رضِي اللهُ عنه: “أتتْ فاطمةُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تسألُه خادِمًا”، أي: ليُعِينَها على قَضاءِ حوائجِها، فقالَ لها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “قولي: اللهُمَّ ربَّ السَّمواتِ السبعِ – بمثل حديث سُهيلٍ، عن أبيه -“، أي: بمثلِ الدُّعاءِ الذي سَبَق.
وفي الحَديثِ: إثباتُ بعضِ الصِّفاتِ التي تليقُ بذاتِ اللهِ وجلالِه، والتوسل بصفات الله تعالى في الدعاءِ.
وفيه: عَظيمُ خَطرِ الدَّينِ، والحثُّ على دُعاءِ الله تعالى أنْ يَقضيَه.( ).
التسميات: إسلاميات
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية