من الصحابي الذي ذكر الله اسمه ونسبه في الملأ الأعلى؟
لصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدر عظيم، ولبعضهم قدر أعظم حيث اختصهم الله سبحانه وتعالى بمزيد فضله فكانت لهم مزية عن غيرهم من الصحابة.
ومن هؤلاء صحابي جليل كريم من الأنصار، أسلم وشهد بيعة العقبة الثانية مع السبعين من الأنصار، وكان هذا الصحابي ممن يُحسنون الكتابة من العرب في الجاهلية قبل الإسلام، وكانوا معدودين فاختاره النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليكون كاتبه الأول للوحي، وهو الذي جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعرضه عليه.
إنه الصحابي الجليل أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه، ومن فضائله وخصائصه أن اسمه ونسبه ذكر في الملأ الأعلى، وقصة ذلك رواها الإمام البخاري في صحيحه بسند عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأُبَيٍّ: إن الله أمرني أن أقرأ عليك: {لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}.. [البينة: 1] ” قال: وسماني؟ قال: «نعم» فبكى. في رواية للطبراني من وجه آخر عن أبي بن كعب قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “نعم باسمك ونسبك في الملأ الأعلى”.
قال الإمام القرطبي تعليقًا على هذا الحديث: “تعجب أُبي من ذلك؛ لأن تسمية الله له ونصه عليه ليقرأ عليه النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – تشريف عظيم، فلذلك بكى إما فرحا وإما خشوعا. قال أبو عبيد: المراد بالعرض على أبي ليتعلم أبي منه القراءة ويتثبت فيها، وليكون عرض القرآن سنة، وللتنبيه على فضيلة أبي بن كعب وتقدمه في حفظ القرآن ، وليس المراد أن يستذكر منه النبي – صلى الله عليه وسلم – شيئا بذلك العرض”.
وأُبي بن كعب من الصحابة الأربعة الذين أوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن يأخذ منهم القرآن فقد ذكر الإمام ابن حجر في شرح صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: “خُذُوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة”.
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُجل أبيًّا، ويتأدب معه، ويتحاكم إليه. وقد روى عن عمر بن الخطاب قوله: «أقضانا علي، وأقرؤنا أبي، وإنا لندع من قراءة أبي، وهو يقول: «لا أدع شيئًا سمعته من رسول الله ، وقد قال الله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.. [البقرة : 106].
كما رُوي في سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي أنه طلب رجل حاجة إلى عمر، وإلى جنبه رجل أبيض الثياب والشعر، فقال الشيخ: «إن الدنيا فيها بلاغنا، وزادنا إلى الآخرة، وفيها أعمالنا التي نجزى بها في الآخرة». فسأل الرجل: «من هذا يا أمير المؤمنين؟»، قال: «هذا سيد المسلمين أبي بن كعب». وحين خطب عمر بالجابية، قال: «من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيدًا، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذًا، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني؛ فإن الله جعلني خازنًا وقاسمًا».
وقد اختلف في سنة وفاته رضي الله عنه؛ فقيل: تُوُفِّي في خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه سنة تسع عشرة، وقيل: سنة عشرين، وقيل: سنة اثنتين وعشرين. وقيل: إنه مات في خلافة سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة اثنتين وثلاثين. قال في المستدرك: وهذا أثبت الأقاويل؛ لأن عثمان أمره بأن يجمع القرآن في مصحف واحد.
التسميات: أُبي بن كعب, إسلاميات
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية